معسكر مصر الجديده بين الق الطموح وتردى الامكانيات

بقلم ا / احمد خميس  – منشور بجريدة مسرحنا في العدد 315 بتاريخ 29 يوليو 2013

 معسكر مصر الجديده بين الق الطموح وتردى الامكانيات              

عاده مايصطدم حلم كثير من المسرحيين الشباب بضعف الامكانيات المتاحه وهو امر مزعج لمستقبل المسرح وعروضه الجاده الطموحه والتى تريد ان تخرج من الاطر التقليديه لخشبات المسارح للخيال الخصب الذى لاتحده عماره أو مساحات مفتوحه كتلك التى نراها فى قاعه الغد أو غيرها, ولما كان هناك فارق شاسع بين الخيال والحقيقه الموجوده على ارض الواقع فأن المراهنه هنا تتعلق عاده بموهبه المبدع وقدرته على التغلب على الصعاب التى حتما ستقف عائقا فى طريقه وعليه ان يطوع موهبته وفهمه ليقرب الفارق ويتيح لآفكاره الجديده فرصه الظهور, ومسرحيه (معسكر مصر الجديده) من تأيف واخراج اسماعيل مختارالتى قدمت على قاعه الغد واحده من تلك المسرحيات التى يصطدم فيها الطموح بلآمكانيات الضعيفه فالنص الاصلى طموح يمزج فيه المؤلف بين تقنيه الكتابه السينمائيه والمسرح والارتباط هنا لم يقصد منه فهم المؤلف لطبيعه الاختلاف والمزج أو الاستخدام الزخرفى المتهافت أو حتى الوعى المعقد الجديد الذى اتاحته بعض عروض اوروبا وامريكا وانما هو ارتباط عضوى بسيط يتلمس الى حد كبير كيفيات المزج والتلاقى الفنى غير المزعج فالكاتب ونظرا لطبيعه عمله فى الفتره التى تغرب فيها عن مصر اتيحت له فرصه معرفه التقنيه السينمائيه وكيفيه دمجها فى العروض المسرحيه وكتب نصه بناءا على ذلك الفهم الذى يبدو جديدا الى حد ما على طبيعه العروض المسرحيه المصريه, فقليلا مانجد عرض مسرحى يحاول نفس المحاوله , الا ان التجربه تعرضت للآنتاج الضعيف فجائت قلقه ومرتبكه الى حد كبير اذ ان المشاهد السينمائيه داخل نسيج العمل بدت غير مؤهله للقبض على وعى المتلقى ولا تعكس بأى حال طموح المؤلف المخرج وحتى الاداءالسينمائى بدا بعيدا وذو ايقاع غير منضبط ومونتاج بدائى الامر الذى انعكس بالسلب على التلقى فالمراهنه كلها بدت خشنه, اضف الى ذلك استخدام المخرج لآكثر من شاشه داخل قاعه العرض الصغيره والسؤال هنا ماذا اضافت الشاشات المتعدده لطبيعه العرض المسرحى ؟ أظن ان النص كان يقدم المبرر ولكن كان مهما على المخرج ان يراجع تماما ملائمه القاعه وقله الامكانيات ولا يعرض نفسه لذلك الاختبار الصعب اذ بدا لى اسماعيل مختار يحارب على اكثر من جبهه ويدافع بشراسه عن مشروعه التجريبى ليظهر للنور ولو كلفه ذلك ان يصرف من جيبه على التجربه ويدعم الانتاج غير الملائم لتخرج تجربته للنور

وتتناول احداث المسرحيه احد ابطال حرب اكتوبر وهو اللواء الحلوانى(هشام عبدالله) الذى اصيب اثناء الحرب واصتدم بعد خروجه بالواقع الشرس حيث سياسه الانفتاح التى تفرض سلوك انسانى بعيد كل البعد عن العالم المثالى الذى تبين امامه اثناء الحرب والذى اختفى تماما بعدها فقرر ان يقود مشروع كان يمثل احد احلامه القديمه فانشأ معسكر جمع فيه مجموعه من الشباب اللذين سجنوا فى قضايا لاتدينهم اخلاقيا بل على العكس فكثير منهم اتهم ظلما وعدوانا وقرر معهم ان يخدموا الواقع باكثر من طريقه سواء بأنتاج زراعات مفيده أو بالتغلب على بعض الازمات كازمه رغيف العيش وغيرها من المشاريع ونجحوا فعلا فى بعض المشاريع الامر الذى شد انتباه رئاسه الجمهوريه وتقرر ان يزور رئيس الجمهوريه المشروع ليطلع بنفسه على تلك التجربه الطموحه الناجحه الا ان تلك الفكره تكاد تلغى نظرا لآن المشوع مقام فى الصحراء والطريق غير ممهد لمسافه 5 كيلو متر وهو مايعد تحديا جديدا امام شباب المشروع لو كانوا راغبين حقا فى الزياره المأموله وعلى جانب اخر كانت هناك شخصيه (حياه –عبير عادل ) الطبيبه النفسيه التى تتابع شباب المعسكر والمرتبطه عاطفيا باللواء الحلوانى والتى تنعكس عليها كل الازمات التى يمر بها الحلوانى ومعسكره وفى المقابل طرح المؤلف شخصيه اللواء (جبر- معتز السويفى )الذى يكره المشروع وصاحبه الطيب المغاير تماما لشخصيته الانتهازيه ويريد ان يغلق المعسكر بعد ان يستفيد منه ماديا فى تمويل حملته الانتخابيه ولما ينجح اللواء جبر فى ابعاد الحلوانى مؤقتا يهيمن على المشروع ويزيد من ازمه شبابه , وفى النهايه ينجح الحلوانى والشباب فى كسر الخوف والظلم وفى تمهيد الطريق لزياره الرئيس وينخرطون فى مشهد مؤثر تحت عنوان (عاوزين رئيس)يطرحون فيه رؤيتهم وفهمهم لذلك الرئيس وعلاقته بالقضايا الملتهبه على الساحه

خلط المؤلف هنا بين اكثر من منهج فى طرح القضايا المتعلقه باللواء الحلوانى بين تاريخه وازمته وطموحه وحبه ومعاركه وذكرياته وانكساراته وعشقه للمشروع وضمن بعض العلاقات الترفيهيه بين شباب المشروع  وطرح بعض ازماتهم وطموحاتهم فى مشاهد سريعه ساعدت فى اشاعه البهجه بين مشاهدو العرض المسرحى خاصه المشاهد المتعلقه بالرجل الطيب (عم خضر –خضر زنون)أو بعض المشاهد الترفيهيه التى قام بها الموهوب (احمدعبدالهادى مع طارق شرف وهدير المصرى) وكذا ادمج المؤلف بعض المشاهد التى بينت خفه ظل منال عامر وجديه نائل على وصدق محمود الزيات ووعيه الفارق بطبيعه الشخصيه الصعيديه وكذا وعى عصام مصطفى بطبيعه الشخصيه غير المتحققه

والملفت  بحق فى هذه المسرحيه هى سينوغرافيا (رامه فاروق ) والتى حاولت قدر امكانها اتاحه اكثر من منظر برغم صغر حجم قاعه الغد فقد اتاحت عده اماكن فى تصور واحد فرأينا مكتب الحلوانى ومنزله المغلف بطاحونه الهواء كنايه عن شخصيته التى تحارب طواحين الهواء وشاهدنا بهو المعسكر وبعض اماكنه علاوه على مكتب اللواء جبر وهو ما يعكس المجهود الجبار الذى قامت به مهندسه الديكور وفهمها لطبيعه قاعه الغد حقيقه لقد شغلت الفراغ المسرحى بوعى وفهم جيد ولم تكسر طموح المؤلف فى تعدد الاماكن بل صنعت عالما لكل مشهد مسرحى – بجانب شاشات السينما

كما نجح عز حلمى فى رسم الاضاءه بطريقه لاتسرق عين المتلقى وانما تطرح الاضاءه اللازمه لكل مشهد وفق طبيعته واحساسه المناسب غير المتكلف ولم يخرج ذلك عن منهج المخرج وطريقه طرحه للازمنه المختلفه لكل مشهد وهو امر ساعد العرض كثيرا وقلل من قلق الانتقالات المتباينه

اما اغانى احمد الحجار فبرغم كلماتها المعتنى بها والتى كتبها اسماعيل مختار فلم تقدم لنا الصوره المرجوه المرسومه فى خيالنا عن رومانتيكيه اداء والحان احمد الحجار الذى امتعنا كثيرا من قبل بالحانه واداءه الصادق فقد جاء الصوت مصحوب بتسجيل سئ ولم يظهر صوت الحجار المميز

وفى النهايه اقول لكم ان اسماعيل مختار قدم وعيا جديدا على على قاعه الغد اصتدم فيه بقله الامكانيات وضعفها ورغم ذلك لم يستسلم للظروف وحاول قدر الامكان هو فقط يحتاج الاعتماد على متخصصين اكثر فى مجالات التصوير والمونتاج السينمائى لكى تصل رسالته

 

 مقال الناقد الاستاذ  احمد خميس بجريدة مسرحنا بتاريخ 29-7-2013

 

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
error

انبسسطت ؟ ادعمنا بـ ليك وشير بقى

RSS
YouTube
YouTube
fb-share-icon
Instagram
WhatsApp
FbMessenger